فكنا سنديان

و لأننا جذورنا ضاربه بعمق هذه الأرض كالسنديان و لأننا مفعمون بالقوة و الحياة و لأن أرواح المؤمنين و الشهدا تطوف بين أغصان السنديان العاليه كنا كالسنديان

باقون

نمشي إلى غدنا واثقين من الشمس في أمسنا نحن و الأبديه سكان هذا البلد ...

السنديان ظهيرنا البريّ

السنديان ظهيرنا البريّ لا شجر يعمّر في القرى إلا بإذن منه، لا جرس يدندن في السفوح بغير نخوته ..وتمتحن الفحولة نفسها بجماله الظمآن السنديان رحيلنا الفطريّ في طرق مؤبدة الشكوك

و مصياف

الميتون استكثروا التكفين والدفن ارتموا بين الحراج تكفَّنوا بالزعتر البرِّيِّ والريحانْ صاروا ربيع الزيزفون ولوَّنوا ألق الندى وشقائق النعمان مصياف تسخو بالحنين فتنشر الدفلى كنهر دمٍ وتسقيه من النزفِ

جبال شمخت بدماء أبنائها

وهناك بين يدي آلهة البطم والسنديان تركت روحي أمانة في ذاكرة الفصول .

ساحل السنديان على الفيسبوك

الاثنين، 31 يوليو 2017

بيت جدي ... البيت الغشيم

رجب عيس عيس
حتى منتصف الثمانينات كان بيت جدي -المثال التقليدي لبيوت قريتنا والقرى المجاورة -مبنيا من الحجر السوري ، ومسقوفا من التراب ...
كنت طفلا ...وكنت أشعر أن حجارة البيت رمز لصلابة  الفلاحين وعنادهم وتمسكهم بالأرض التي لاتغل إلا بزنود وإرادات أصلب من الحجر ..وكان السقف الترابي وكأنه "البناء الفوقي" لقلوب تشبه طهر التراب ....وكان وكان ..
أما جدتي فقد كانت -كبقية النسوة -تحمل الحطب وتهتم بالماعز والأبقار ،وتحلب ، وتحضر اللبن ،وتستخرج الزبدة ،  وكانت تعجن ،وتخبز ،وتحضر أكياس من أوراق التبغ من الحقول ...وترافق جدي -كبقية النسوة -إلى الحقول ، وتشارك في حراثة الأرض ، وبذر القمح والعدس والحمص ، وشتل الدخان وسقايته ، وحصاد الحنطة ، وتجميع أغمارها ،ونقلها إلى البيادر ...
وكانت تحمل وتلد ..وتحمل وتلد ...وتهتم بالأطفال ..وتستقبل ضيوف جدي الكثر كما يليق برجل كريم عظيم ..
كانت العائلة الكبيرة -المؤلفة من الجد الأكبر والأعمام وزوجاتهم وأولادهم ، وجدي وأولاده وأحفاده -يتعاونون جميعا في مواسم الحصاد والجني ، وجميع "المناسبات الزراعية "
كان الشقاء والحب يوحدان  الناس .
روى لي خالي عن خاله أن ابن الأخير كان يعبث بقداحة ،في ستينيات القرن الماضي ، فأحرق بيدر والده ، فأطلق أبوه طلقة -كإشارة لإعلان النفير وطلب النجدة -فاجتمع الناس من جميع القرى المجاورة .....وتلاصقوا كشريط من النبع إلى البيدر ...وشريط آخر من النهر إلى البيدر ، وكل منهم يناول الماء لجاره ....ومع ذلك احترق البيدر ..غير أن الرجل في ذلك العام حصل على معونة تعادل خمسة أضعاف مايغله بيدره ...
احترق البيدر ...واشتعل الحب.
أما اليوم -ويالهول ما نحن عليه اليوم -فقد أصبحت البيوت من الإسمنت المسلح ،والقلوب من الإسمنت المسلح .
غابت الأسطح الترابية ،وغاب معها طهر التراب أو كاد ...ووفد طلاء الأظافر وحمرة الشفاه والميش وأنواع الشامبو والمرايا ...
كان الناس يتمرون في عيون بعضهم ...وأصبحوا يتمرون في عيون أنفسهم
اشتعل جمر النراجيل ....وغاب اشتعال الحب ...أو أوشك .
هل فقدنا طهر التراب ؟
هل أضعنا بوصلة الحب ؟
أهي" الحضارة "من شوهتنا ؟
أهو الإسمنت من فرغ قلوبنا من الحنان ؟
أهي لوثة "الحضارة ".
                سامي زين الدين