فكنا سنديان

و لأننا جذورنا ضاربه بعمق هذه الأرض كالسنديان و لأننا مفعمون بالقوة و الحياة و لأن أرواح المؤمنين و الشهدا تطوف بين أغصان السنديان العاليه كنا كالسنديان

باقون

نمشي إلى غدنا واثقين من الشمس في أمسنا نحن و الأبديه سكان هذا البلد ...

السنديان ظهيرنا البريّ

السنديان ظهيرنا البريّ لا شجر يعمّر في القرى إلا بإذن منه، لا جرس يدندن في السفوح بغير نخوته ..وتمتحن الفحولة نفسها بجماله الظمآن السنديان رحيلنا الفطريّ في طرق مؤبدة الشكوك

و مصياف

الميتون استكثروا التكفين والدفن ارتموا بين الحراج تكفَّنوا بالزعتر البرِّيِّ والريحانْ صاروا ربيع الزيزفون ولوَّنوا ألق الندى وشقائق النعمان مصياف تسخو بالحنين فتنشر الدفلى كنهر دمٍ وتسقيه من النزفِ

جبال شمخت بدماء أبنائها

وهناك بين يدي آلهة البطم والسنديان تركت روحي أمانة في ذاكرة الفصول .

ساحل السنديان على الفيسبوك

الخميس، 6 أبريل 2017

اسطورة السنديان الفهد أبو علي شاهين

البطل الشعبي أبو علي شاهين

ابو علي شاهين هو فلاح بسيط كان يعيش
في قرية سيغاتا الى الجنوب الشرقي من مصياف
وكان يعمل مرابعاً عند الإقطاع وبسبب سنين المحل لم
يستطيع ان يدفع للاقطاعي حصته
من المحصول لأن الأرض لم تنتج بسبب قلة وشح المطر
وأرسل الاقطاعي حارس املاكه لكي يجبي حصة الاقطاعي من
ابو علي شاهين وجرت مشادة كلامية بين الحارس وأبو علي شاهين تبجح فيها الحارس (زلمة البك أو الوقاف ) وأعتقد أن اسمه عبد الله الصغير بكلام بزيء للغاية وأثار ذلك غضب ابو علي شاهين الذي لم يستطع ان يسكت على
الإهانات التي وجهت اليه وتشاجر مع الحارس
وبعد قليل أتت دورية الدرك والاقطاعي واقتيد ابو علي
شاهين الى المخفر وعذبوه بأشد انواع العقاب من ضرب بكعب البنادق وشدو وثاقه
وادخلوا المسامير في رأسه وسالت الدماء من رأسه ولكنه استطاع ان يهرب من السجن
وذهب الى بيته واصطحب بندقيته وماتيسر من خرطوش وزاد واتجه نحو المعاصي وبدأ معركة
التمرد وحيداً على الإقطاع والدرك وخاض معهم فصول اسطورية من القتال الفردي
واستطاع ان يدب الذعر والخوف في نفوسهم
قاتل وحيداً عاش وحيداً ولقد أثارت صورة له نادرة( وهو مكبل بالسلاسل بعد ان غدر به خاله وهو من أسرة معروفة في عين الكروم واستدرجه بالحيلة وسلمه الى الدرك) الشاعر الشعبي محمد المحمود

من قرية جرجرة مصياف فكتب فيه هذه القصيدة الشعبيه

الفهد

جابو حديد الزرد ---- حبل الغدر ممدود
بالحيلة صادو النمر----- ومحزمينو قيود
شاهين يابو علي-----من زمان انت مرصود
الرجال عدة وعدد--- --وانت بألف معدود
خيال برج الأسد--- --أسمر مخاوي الليل
مارد ويأبى الظلم--- -صدق الأمانه يشيل
أعلنها ثورة غضب-- --نار وجحيم وويل
ورصاص زخ البرد- ----- يتكلم البارود
ياسيف ماينغمد---------بوجه الغدر مرفوع
ملاحم بطولة وثأر--- --- لمصيبة المفجوع
روحك عكفك شلت-- ----ومشيت للمنوع
والصوت مابينخمد-------صوتك هدير رعود
تاريخ إلنا ورد---------تشهد الك مصياف
روعت عسكر حما---- قلبك حجر مايخاف
كريم فارس كمي---- --هذي الك أوصاف
وكسبت قوة ومدد----- - من رك المعبود
والدرك ياما رصد----- - عمسيل الوديان
رجعو بخيبة وفشل------ياحسرة الخسران
انت بجفن الردى-------- ناي موالك نسيان
صبرك عليهم نفد------- حصن البغي مهدود

يتساءل الروائي الكبير حيدر حيدر في رواية الفهد التي
تجسد قصة البطل الشعبي أبو علي شاهين
لماذا لم يُنصرُ شاهين؟ ! "وهو الذي انتضى سيفه
وصاح خارجاً من ظلام القرون من سجون المهانة الطويلة مبشراً بالطوفان وماكان يبغي
مجداً
هو الذي لم يسرق فقيراً ولاأهان فلاحاً ولاسطا على القرى
الآمنة
فلماذا ظل وحيداً ؟!" (حيدر حيدر)
نعم ظل وحيدا واستكان غيره للرضى الكاذب منذ قرون هذه
الهامات التي تزرع الأرض التي لاتملكها وتمضغ خبز الشعير والذرة والتين اليابس
وماتدره الضروع ماضغة معها ذلها الدهري
يقول الروائي الكبير حيدر حيدر من قصيدة له في مقدمة
الرواية
"طالعاً من جسد الأرض
عابراً في نسغ الصنوبر
ماراً فوق جراح البشر
هاجر
كنورس البحار الذي لاوطن له "

وهذا مقطع حواري بين أبو علي شاهين وأحد افراد القرية
- سيغاتا((قرية ابو علي شاهين) صارت خرابة ياشاهين
والقرى هجروها سكانها
- الدرك غرباء ونحن أهل يادرغام
- الأرض ماعادت تحمل أوزارك أما انت أو القرى؟
- يسخر ابوعلي من ضرغام هل انت جاد فيما تقوله؟
- نعم اناجاد اما أنت اونحن
- تسألني عن التعب انت وهم ماذا تعرفون عن التعب والجوع
والبرد والخوف؟
انت وهم لكم بيوت واطفال ونساء واراضي تزرعونها؟ تقول
انني وزر هذه القرى والذين يسرقونكم في الصباح والضحى والأماسي الذين يأكلون
دجاجكم وسمنكم ويدخنون اجود تبغكم ثم يسوقونكم نحو المخافر كما تساق الكلاب يسطون
على بناتكم ويستخدمونهن في بيوتهم ومخافرهم هؤلاء هم الناس الطيبون؟ هؤلاء الناس
الذين يجب ان نقدم لهم رقبة شاهين ودم شاهين لننجو . ها . قل؟
(في ذلك العصر الكئيب الرخو عصر الورثة والعبيد والفوضى
إن لم يحمك قويٌ فأنت احدى ثلاثة مقتولٌ, أو خارج هارب من القتل , أو حيوانُ موطوء )

- شاهين ألم تتعب؟
- ومن الذي لايتعب؟
- شاهين مت لترتاح
- من هذا البطل الذي يتقدم ضاحكاً نحو الموت؟
- شاهين إنك وحدك
- هذا زمان الموت الفردي.
- شاهين لست ثائراً؟
- ولكنهم ضربوني لأن القمح أمحل !
- شاهين ولدت قبل أوانك

ومن الملفت حوارٌ جرى بين شيخ جليل القدر اعتزل الناس
وسكن وحيداٌ قصده ابو علي شاهين
لكي يحتمي عنده ويرتاح ويسد رمق الجوع بكسرة من الخبز
واليكم جزء من الحوار
" وإذ قام الشيخ الوقور ليحضر طعاماً قال:كان ذلك
محزناً محزناً لنا جميعاً ياأبوعلي
- ولكن كيف عرفتني ياعمي الشيخ ؟
- ابتسم الشيخ وهو يحمل طبق الطعام مقترباً منه الخائف
التائه لايخفي نفسه
- ولكن الريف مليء بالفرارية!
- قال الشيخ ببعض الأسى: في الريف من جبل الشعرة حتى
تخوم البحر لم يبق رجل معه بندقية ومن بقى معه بارودة صيد حفر لها في أعماق التراب
وغيبها سلموا اسلحتهم حتى الخناجر والسكاكين صودرت من البيوت
بالنسبة لهم الحرب انتهت عندما بدأت أنت الحرب 0000 لقد
قتلوك يابني 00 لقد حصل ماحصل لسيدنا ابو عبدالله الحسين عليه السلام ولم يبق
للناس سوى ذكرى كربلاء وبعد ان نام ابو علي شاهين رمقه الشيخ يغفو كطفلٍ متعب
وقال: سيغني لك الناس ردحاً من الزمن لأن موتك اسطورة افتقدوها ثم ينسون--
رد شاهين قائلاً: سيغنون لي
- تمتم الشيخ بهيبته الملائكية : سيكون حزن وبكاء وحسرات
هؤلاء قوم عاشوراء يابني يحزنون على الميت ويبكونه
ويلطمون صدورهم وينتظرون الذي سيخلصهم يوم القيامة ليزيح عنهم دهور الألم والإثم
--- وأخيراً سلموه مع غروب الشمس لم يكن يتوقع أن اليد الآثمة التي سلمته هي سكين الخيانه
التي انغرست في ظهره بيد الذين تربطه بهم صلة الرحم والدم كبلوه بالسلاسل وطارت
الأخبار من السجن عذبوه اقتلعوا أظافره وكووا جسده بالنار وفي ساعة مبكرة منصباح
يوم ندي واللاذقية ماتزال غافية تحت خدر ضباب خفيف علقوه في ساحة الشيخ ضاهر (كانت مصياف وعين الكروم وغيرها تتبع محافظة اللاذقية ) ولم
يطلب شيئاً وغفا هو الآخر على كتف الفجر البارد صبيحة يوم من أيام 1949 تجمع الناس حول الجسد المصلوب
وخلافاً لماهو مكتوب على صدره قرأ القليل من الناس: لقد تمرد ومات من أجل الحرية
والأرض " ((حيدر حيدر))
نعم لقد قاتل من اجل نفسه و من أجلنا جميعاً وكأنه مات
وحيداً غاب جسده لكن روحه البرية تقمصت الجذور والصخر وامتصتها اشعة الشمس لقد
تحدانا جميعاً ان نقترب من الوديان الموحشة
وقصة الفهد صدرت ضمن مجموعة حكايا النورس المهاجر لحيدر حيدر ابن قرية حصين البحر ثم صدرت برواية مستقلة وتم تمثيلها في فيلم سينمائي من إخراج محمد شاهين
وقام بدور أبو علي شاهين الفنان الفلسطيني أديب قدورة وبدور شفيقة زوجته الفنانة إغراء

ومما سمعته من زوجة أبي علي شاهين وابنه الذي كان مساعدا في الجيش العربي السوري أنّ كل هؤلاء الكتاب لم يزوروهم ولم يسمعو كلمة من أقرب الناس لأبي علي شاهين ولم يقدموا لهم ولا نسخة من رواية عن أقرب الناس لهم ولم تقدم لهم حتى تذكرة لمشاهدة الفيلم

كتب عن أبي علي شاهين كتّاب كثر منهم الكاتب الكبير والشاعر الراحل ابن منطقته ممدوح عدوان ( من قيرون ـ قرب ديرماما) مسرحيته الشهيرة (المخاض

ورصد فيها مرحلة الانكسار الشعبي في ظل الحكومة الوطنية التي جاءت بعد خروج المستعمر الفرنسي
فكتب عن المجتمع وإرهاصات الثورة الاجتماعيه فاعتبر حركة الشاهين حركة فردية تمثل صرخة في مخاض طويل لأمّة بين الموت والاحتضار

كماكتب عنه الكاتب المكافح والضابط المتقاعد محمد ابراهيم علي (قائد الجيش الشعبي بمرتبة وزير شرف) والذي حكم هو الآخر بلإعدام في حكومة الانفصال عام 1962

في سلسلته الروائية المرابي

غير أنه ذكر في روايته سببا آخر لثورة أبوعلي شاهين هو رفضه لدور السخرة الذي كان يفرض على النساء فيكون لكل إمرأة يوم أو يومين تخدم البيك في قصره وتقف على طلباته

أبو علي شاهين صار أكثر من أسطورة تحكيها حنايا الفقر في جبالنا والظلم والقهر الذي عانى منها آباؤنا في ظل حكومات الاستقلال
التي كانت أسوأ من الاستعمار نفسه
والتي يرفع رايها الآن بعض المارقين تحت شعار الحرية