ساحل السنديان على الفيسبوك

الاثنين، 31 أغسطس 2020

رسالة الى بابا الفاتيكان من كاهن سوري

 رسالة مفتوحة من كاهن عربي كاثوليكي

إلى قداسة البابا فرنسيس


صاحب القداسة

في هذا اليوم، 2020/8/4، الذي بات يشكّل ذكرى حزينة جداً في تاريخ العالم العربي، المصلوب أصلاً، أجيز لنفسي، وأنا مجرد كاهن كاثوليكي، في الثامنة والثمانين من العمر، أن أبوح لك، أمام الملأ، بأمر يسبّب لي ألماً مبرّحاً.

هذا المساء، كادت بيروت، عاصمة لبنان، أن تُدمَّر تدميراً كاملاً بفعل انفجارٍ مريبٍ، يشبه على نحو غريب، المظلّتين الأميركيّتَيْن الشهيرتَيْن، اللتين دمّرتا تدميراً كاملاً، مدينتي هيروشيما وناغازاكي، ظهر يومي 6 و9 من مثل هذا الشهر عام 1945.

تُرى، هل هذه مقدّمة للكارثة القادمة، التي قد يُعدّها الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركيّة، ضدّ العالم العربي، كي يضمن على نحو كامل، شروط البقاء لابنه المدلّل، إسرائيل، الذي هبط به من الجو في فلسطين، إثر معاهدات سايكس- بيكو، ووعد بلفور؟

صاحب القداسة،

لقد التزمتُ حتى اليوم، بوصفي كاهناً، بالتوجّه إليك، وإلى سلَفَيْك، أوّلاً لأسألكم، ثمّ لأنتزع منكم، تدخّلاً تدافعون به عن جميع المظلومين على وجه الأرض، أولئك الذين تماهى معهم السيد المسيح، على نحو مطلق، حتى الموت على الصليب، حبّاً بهم.

إلا أنّي اليوم، إزاء اعتصامك الدائم بالصمت، أجدني ملزماً ككاهن أيضاً، بمصارحتك أمام الملأ، بأنّي بتّ يائساً من عزمك على اتّخاذ موقف الممثّل الحقيقي للسيد المسيح، من "المتسلّطين" البائسين على هذا العالم.

هل يتوجّب بعد اليوم، الاستنتاج بأنّ الكنيسة- المؤسَّسة، وقد تورّطت على نحو تامّ، منذ "إعلان ميلانو" عام /313/، في متاهات السلطة الزمنية، الملتوية، باتت عاجزةً، بدءاً من رأسها الأوّل في روما، عن التحرّر من هذه السلطة، ليتسنّى لها أن تعود "عموداً للحقّ"، كما أتقن وصفها ابن دمشق الروحيّ، بولس الطرسوسي؟

صاحب القداسة

هنا، دعني أذكّرك بشهادة مخيفة، أدلى بها ابن حقيقيّ للكنيسة، هو "راوول فوللرو" (Raoul Follerau) الفرنسي، رسول البرص!

وإليك ما كتبه بتاريخ 5/2/1976، في صحيفة الفاتيكان الرسمية، صحيفة "المراقب الروماني"، في مقال له بعنوان: "الذين يأكلون، والذين يجوعون". قال:

"إن البلدان التي تُسمّى متحضّرةً، تمتلك حاليّاً، من أجل إبادة الجنس البشريّ، مخزوناً من المتفجّرات، ينال منه كلّ إنسانٍ على وجه الأرض، 15.000 كغم". (كذا!).

صاحب القداسة،

بالأمس البعيد، رأى يسوع من الضروري أن يطرد بعض التجار من هيكل القدس، فماذا تُراه كان فعل اليوم، إزاء مَن يهدّدون بالتدمير النهائي والكامل، هيكل الله الرائع، الذي هو كوكب الأرض؟

أفَلم يحن الوقت لتحرير الكنيسة- المؤسَّسة من هذه التبعيّة الألفيّة، غير المبرّرة، التي تقيّدها بالمتجبّرين في الأرض؟

وإن كنتَ عاجزاً عن اتخاذ موقفٍ يليق بممثّل السيد المسيح، فمَن تُراكَ تكون؟

وإلى ذلك، لا يسعني أن أنسى أنّ الكنيسة تحتفل بعد يومين، بذكرى تجلّي السيد المسيح على جبل طابور في فلسطين.

عسى أن تكون الكارثة التي حلّت ببيروت، مقدّمة لتجلٍّ باهرٍ في كنيسته، وفي روما بالذات.

وثق بصلاتي من أجلك.



الأب الياس زحلاوي

دمشق في 2020/8/4

0 التعليقات:

إرسال تعليق